كثير ما يتردد على مسامعنا مصطلح “الاسلاموفوبيا”، وخصوصا في المجتمعات الغربية التي اتخذت منه عنواناً للحروب التي شنتها على دول عربية وإسلامية بذريعة القضاء على الإرهاب، ولكن هناك من يجهل
حقيقة هذا المصطلح وأسباب شيوعه.
حقيقة هذا المصطلح وأسباب شيوعه.
في البداية لابد من تعريف كلمة “فوبيا” أو “Phobia”، الذي يصنف كمرض نفسي ينبغي علاجه، ومن أشكال هذا المرض: الخوف من الأماكن والمناطق المرتفعة، والخوف من الأجانب والخوف من الأماكن المغلقة.
وعند إضافة هذه الكلمة إلى الإسلام يصبح المعنى: «خوف مرضي غير مبرر وعداء ورفض للإسلام والمسلمين». وتشير كلمة “إسلاموفوبيا” المنقولة عن اللغات الأجنبية هكذا بلفظها اللاتيني مكتوبًا بحروف عربية، إلى أنها ظاهرة مرضية، فهو خوف مرضي من الإسلام، لا يوجد ما يسوّغه منطقيًّا، ولا يقتصر على حالات انفرادية، بل يعمّ وينتشر، فهو أشبه بالوباء، مع فارقٍ أساسي أنّ الوباء ينتشر “رغمًا” عن الإنسان الذي يسعى لمكافحته، فإن لم يتراجع يضاعف الإنسان السوي جهوده ويبتكر المزيد من وسائل المكافحة.
أما الخوف المرضي من الإسلام، فلم يعد مجرّد خوف تلقائي لأسباب ما، بل أصبح في هذه الأثناء يُصنع صنعًا، أي أصبح ناتجَ عمليةِ تخويف؛ ليُستخدم أداة من أجل تحقيق أغراض محددة. وهنا تجد هذه “الأداة” من يركّز عليها استغلالاً لها لتحقيق أغراضه، فإن رصد ضعفًا ذاتيًّا في مفعول الظاهرة، بذل الجهد بنفسه لزيادة مفعولها، أي لمضاعفة حدّة الجانب المرضي فيها، وهو يزعم أنه يشكو منها ويريد مكافحتها.
هناك أكثر من رؤية للدوافع التي أدت إلى ظهور هذا المصطلح، منها القول بأنها صراع عقدي وديني بسبب الصحوة الإسلامية التي باتت تهدد الديانات الأخرى، وقد حذّر “السير ألفريد شرمان” -المستشار السابق لرئيسة الوزراء البريطانية السابقة “مارجريت تاتش”ر- في تصريح لجريدة “الهيرالد تريبيون إنترناشيونال”، في 9 فبراير 1993م، من التهديد الإسلامي للغرب، في مقالة بعنوان “الزحف الإسلامي الجديد على أوربا” قائلاً:
“يوجد تهديد إسلامي حيال أوربا المسيحية، هذا التهديد يتطور ببطء وما زال قابلاً للمراقبة، لكن سياسات البلدان الغربية هي المسئولة عن تصاعده نتيجة الشروط الملائمة التي توفرها وتساعده على اتساعه، فالاستعمار المتدرج لأوربا الوسطى والغربية من جانب المسلمين ناتج عن الحيرة الاجتماعية والروحية السائدة في أوربا، وانهيار القيم المسيحية والغربية”.3
وعزا آخرون سبب ظهور المصطلح إلى انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991م، وتراجع قوى اليسار الغربي التقليدية التي سادت خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وصعود قوى اليمين الثقافي والديني في الغرب والعالم الإسلامي خلال الفترة ذاتها، الأمر الذي دفع الغرب للبحث عن بديل جديد يعاديه؛ وقد تواترت التصريحات الغربية عن اختيار الإسلام كعدو جديد بديل عن الخطر الشيوعي الذي طالما حشدوا طاقاتهم لمواجهته، مما أدى إلى.4
ويرى الكاتب “ستيفن شيهي”، في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وإن كانت لم تستحدث حالة “الإسلاموفوبيا”، أو تقوي مخططات الولايات المتحدة، للسيطرة والهيمنة عالميا خاصة بالشرق الأوسط، إلا أنها أعطت الضوء الأخضر لخطاب الكراهية، والمخططات التي كانت محظورة، سواء سياسيا أو أخلاقيا للظهور للعلن، بمبرر محاربة الإرهاب.5 رسالة الإسلام
ويعمل الإعلام الغربي على تضخيم عمليات الجماعات الجهادية المتطرفة، ويبرزونها إعلامياً على أنها نتاج الدين الإسلامي ككل.
الدكتور محمد أحمد النابلسي، رئيس “المركز العربي للدراسات المستقبلية”، يرى علاج هذا المرض الذي يعرف بـ”الإسلاموفوبيا” في الخطوات التالية:
عرض المذابح المرتكبة بحق المسلمين:
من خلال مخاطبة مشاعر التعاطف الإنسانية لدى الإنسان الغربي عن طريق عرض الأفلام والصور والأشخاص لضحايا المذابح المرتكبة بحق الشعوب العربية والمسلمة. حيث لا يفرق معظم جمهور الغرب بين العربي والمسلم. وتأتي هذه العروض بهدف استثارة مشاعر الذنب لدى مرضى “الاسلاموفوبيا” كون مشاعر الذنب علاجاً ناجعاً لهذا المرض.
إطلاق هيئة دولية للدفاع عن الجاليات المسلمة في الخارج:
ان إطلاق هيئة دولية للدفاع عن حقوق الجاليات المسلمة في الخارج هي الخطوة العملية للتحرك. على ان تقوم الحكومات بتقديم ما يمكنها من دعم سياسي ومادي لهذه الهيئة. على ان تؤسس لها فروع في مختلف بلدان المهجر.
تعـزيز التواصل مع المفكرين الغربيين المتنورين وترجمة التراث الإسلامي:
نذكر بجهود وأعمال الفيلسوف الفرنسي الكبير “جاك بيرك”الذي تعمق في دراسة الثقافة الإسلامية، وقام بترجمة معاني القرآن الكريم: “انه من الضروري مكاملة الإسلام في النسق الفكري الغربي، مؤكدا ان الفكر الغربي سوف يغنم الكثير بانفتاحه الايجابي على هذا الدين العظيم وهذه الحضارة الإسلامية الرائعة بدلا من الأحكام المسبقة الموروثة حولها”. وهذه المكاملة هي بد ذاتها مشروع فكري متكامل يتطلب مؤسسة فكرية لإنتاجه. بما يستتبع الدعوة لعدم الاستمرار في إهمال إنشاء هذا النوع من المؤسسات العلمية والفكرية. كما نذكر في المجال الفيلسوف الفرنسي “روجيه غارودي” وغيره من المتنورين ممن يجب التواصل وإقامة الروابط والصلات معهم.
المصادر: قصة الإسلام، الجزيرة، رسالة الإسلام، مجلة الوعي الإسلامي
0 التعليقات:
Enregistrer un commentaire